فصل: قال القرطبي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال ابن عطية:

وقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا} الآيات إلى قوله تعالى: {يا أيها النبي قل لأزواجك} [الأحزاب: 28]. نزلت في شأن غزوة الخندق وما اتصل بها من أمر بني قريظة، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أجلى بني النضير من موضعهم عند المدينة إلى خيبر، فاجتمعت جماعة منهم ومن غيرهم من اليهود، وخرجوا إلى مكة مستنهضين قريشًا إلى حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحرضوهم على ذلك، وأجمعت قريش السير إلى المدينة، ونهض اليهود إلى غطفان وبني أسد ومن أمكنهم من أهل نجد وتهامة، فاستنفروهم إلى ذلك، فتحزب الناس وساروا إلى المدينة، واتصل الخبر برسول الله صلى الله عليه وسلم، فحفر الخندق حول ديار بالمدينة وحصنه، وكان أمرًا لم تعهد العرب، وإنما كان من أعمال فارس والروم، وأشار به سلمان الفارسي رضي الله عنه، فورد الأحزاب من قريش وكنانة والأحابيش في نحو عشرة آلاف عليهم أبو سفيان بن حرب، ووردت غطفان وأهل نجد عليهم عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر الفزاري، ووردت بنو عامر وغيرهم عليهم عامر ابن الطفيل، إلى غير هؤلاء، فحصروا المدينة، وذلك في شوال سنة خمس من الهجرة على ما قال بن إسحاق، وقال مالك كانت سنة أربع، وكانت بنو قريظة قد عاهدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الهدنة وعاقدوه على أن لا يلحقه منهم ضرر، فلما تمكن هذا الحصار داخلهم بنو النضير، فغدروا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونقضوا عهوده، وصاروا له حزبًا مع الأحزاب، فضاق الحال على رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، ونجم النفاق وساءت الظنون ورسول الله صلى الله عليه وسلم يبشر ويعد النصر، وألقى الله تعالى الرعب في قلوب المشركين ويئسوا من الظفر بمنعة الخندق وبما رأوا من جلد المؤمنين، وجاء رجل من قريش اسمه نوفل بن الحارث، وقيل غير هذا، فاقتحم الخندق بفرسه فقتل فيه، فكان ذلك حاجزًا بينهم، ثم إن الله تعالى بعث الصبا لنصرة نبيه عليه السلام على الكفار، وهجمت بيوتهم، وأطفأت نارهم، وقطعت حبالهم، وأكفأت قدورهم، ولم يمكنهم معها قرار، وبعث الله مع الصبا ملائكة تشدد الريح وتفعل مثل فعلها، وتلقي الرعب في قلوب الكفرة حتى أزمعوا الرحلة بعد بضع وعشرين ليلة للحصر، فانصرفوا خائبين فهذه الجنود التي لم تر.
وقرأ الحسن {وجَنودًا} بفتح الجيم، وقرأ الجمهور {تعملون} بالتاء فكأن في الآية مقابلة لهم، أي أنتم لم تروا جنوده وهو بصير بأعمالكم يبين في هذا القدرة والسلطان، وقرأ أبو عمرو وحده {يعملون} بالياء على معنى الوعيد للكفرة، وقرأ أبو عمرو أيضًا بالتاء وهما حسنتان، وروي عن أبي عمرو {لم يروها} بالياء من تحت، قال أبو حاتم قراءة العامة {لم تروها} بالتاء من فوق، {يعملون} بالياء من تحت، وروي عن الحسن ونافع {تعلمون} بالتاء مكسورة.
{إذْ جَاءُوكُمْ منْ فَوْقكُمْ وَمنْ أَسْفَلَ منْكُمْ}.
{إذ} هذه لابد من الأولى في قوله: {إذ جاءتكم} [الأحزاب: 9]، وقوله تعالى: {من فوقكم} يريد أهل نجد مع عيينة بن حصن، {ومن أسفل منكم} يريد مكة وسائر تهامة، قاله مجاهد وقيل من فوق وأسفل هنا إنما يراد به ما يختص ببقعة المدينة، أي نزلت طائفة في أعلى المدينة وطائفة في أسفلها، وهذه عبارة عن الحصر، و{زاغت} معناه مالت عن مواضعها، وذلك فعل الواله الفزع المختبل، وأدغم الأعمش {إذ زاغت} وبين الذال الجمهور وكل حسن، {وبلغت القلوب الحناجر} عبارة عما يجده الهلع من ثوران نفسه وتفرقها شعاعًا ويجد كأن حشوته وقلبه يصعد لينفصل، فليس بلوغ القلوب الحناجر حقيقة بالنقلة بل يشير لذلك وتجيش فيستعار لها بلوغ الحناجر، وروى أبو سعيد الخدري أن المؤمنين قالوا يوم الخندق: يا رسول الله بلغت القلوب الحناجر فهل من شيء نقوله، قال: «نعم، قولوا: اللهم استر عوراتنا، وأمن روعاتنا»، فقالوها فضرب الله تعالى وجوه الكفار بالريح فهزمهم، وقوله: {وتظنون بالله الظنونا} أي تكادون تضطربون وتقولون ما هذا الخلف للموعد، وهذه عبارة عن خواطر خطرت للمؤمنين لا يمكن للبشر دفعها وأما المنافقون فجلحوا ونطقوا، وقرأ نافع وأبو عمرو وعاصم وأبو جعفر وشيبة والأعمش وطلحة {الظنونا} بالألف في الوصل والوقف، وذلك اتباع لخط المصحف، وعلته تعديل رءوس الآي وطرد هذه العلة أن يلازم الوقف، وقد روي عن أبي عمرو أنه كان لا يصل، فكان لا يوافق خط المصحف وقياس الفواصل، وقرأ أبو عمرو أيضًا وحمزة في الوصل والوقف الظنون بغير ألف وهذا هو الأصل، وقرأ ابن كثير والكسائي وعاصم وأبو عمرو بالألف في الوقف وبحذفها في الوصل، وعللوا الوقف بتساوي رءوس الآي على نحو فعل العرب في القوافي من الزيادة والنقص. وقوله تعالى: {هنالك} ظرف زمان، والعامل فيه {ابتلي} ومن قال إن العامل فيه {وتظنون} فليس قوله بالقوي لأن البدأة ليست متمكنة، و{ابتلي} معناه اختبر وامتحن الصابر منهم من الجازع، {وزلزلوا} معناه حركوا بعنف، وقرأ الجمهور {زلزالًا} بكسر الزاي، وقرأها {زلزالًا} بالفتح الجحدري، وكذلك {زلزالها} في {إذا زلزلت} [الزلزلة: 1] وهذا الفعل هو مضاعف زل أي زلزله غيره، ثم ذكر الله تعالى قول المنافقين والمرضى القلوب ونبه عليهم على جهة الذم لهم، وروي عن يزيد بن رومان أن معتب بن قشير قال: يعدنا محمد أن نفتتح كنوز كسرى وقيصر ومكة ونحن الآن لا يقدر أحدنا أن يذهب إلى الغائط ما يعدنا {إلا غرورًا} أي أمرًا يغرنا ويوقعنا فيما لا طاقة لنا به، وقال غيره من المنافقين نحو هذا فنزلت الآية فيهم، وقولهم: {الله ورسوله} إنما هو على جهة الهزء كأنه يقولون على زعم هذا الذي يدعي، أنه رسول يدل على هذا أن من المحال أن يكون اعتقادهم أن ذلك الوعد هو من الله تعالى ومن رسوله ثم يصفونه بالغرور بل معناه على زعم هذا. اهـ.

.قال ابن الجوزي:

قوله تعالى: {يا أيُّها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود}.
وهم الذين تحزَّبوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أيام الخندق.
الإشارة إلى القصة.
ذَكر أهل العلم بالسّيرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لمَّا أجلى بني النضير، ساروا إلى خيبر، فخرج نفر من أشرافهم إلى مكة فألَّبوا قريشًا ودعَوهم إلى الخروج لقتاله، ثم خرجوا من عندهم فأتَوا غطفان وسُلَيم، ففارقوهم على مثل ذلك.
وتجهزت قريشٌ ومن تبعهم من العرب، فكانوا أربعة آلاف، وخرجوا يقودهم أبو سفيان، ووافتهم بنو سُلَيم بمرّ الظهران وخرجت بنو أسد، وفزارة، وأشجع، وبنو مُرَّة، فكان جميع من وافى الخندق من القبائل عشرة آلاف، وهم الأحزاب؛ فلمَّا بلغ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم خروجُهم من مكة، أخبر الناسَ خبرهم، وشاورهم، فأشار سلمان بالخندق، فأعجب ذلك المسلمين، وعسكر بهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى سفح سَلْعٍ، وجعل سَلْعًا خلف ظهره؛ ودسَّ أبو سفيان بن حرب حُيَيَّ بن أخطب إلى بني قريظة يسألهم أن ينقُضوا العهد الذي بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ويكونوا معهم عليه، فأجابوا، واشتد الخوف، وعَظُم البلاء، ثم جرت بينهم مناوشة وقتال، وحُصر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابُه بضع عشرة ليلة حتى خلص إليهم الكَرْب، وكان نُعَيم بن مسعود الأشجعيّ قد أسلم، فمشى بين قريش وقريظة وغطفان فخذَّل بينهم، فاستوحش كل منهم من صاحبه، واعتلَّت قريظة بالسبت فقالوا: لا نقاتل فيه، وهبَّت ليلةَ السبت ريح شديدة، فقال أبو سفيان: يا معشر قريش، إنكم والله لستم بدار مُقام، لقد هلك الخُفُّ والحافر، وأجدب الجَنَاب، وأخلفتْنا قريظةُ، ولقينا من الريح ما ترَون، فارتحلوا فاني مرتحل؛ فأصبحت العساكر قد أقشَعت كلُّها.
قال مجاهد: والريح التي أُرسلت عليهم هي الصَّبا، حتى أكفأت قدورهم، ونزعت فساطيطهم.
والجنود: الملائكة، ولم تقاتل يومئذ.
وقيل: إن الملائكة جَعلت تقلَعُ أوتادهم وتطفىء نيرانهم وتكبّر في جوانب عسكرهم، فاشتدت عليهم، فانهزموا من غير قتال.
قوله تعالى: {لَمْ تَرَوْهَا} وقرأ النخعي، والجحدري، والجوني، وابن السميفع: {لم يَرَوْهَا} بالياء {وكان اللّهُ بما تعملون بصيرًا} وقرأ أبو عمرو: {يعملون} بالياء.
قوله تعالى: {إذ جاؤوكم منْ فوقكم ومن أسفلَ منكم} أي: منْ فوق الوادي ومن أسفله {وإذ زاغت الأبصار} أي: مالت وعَدَلت، فلم تنظُر إلى شيء إلاَّ إلى عدوّها مُقْبلًا من كل جانب، {وبَلَغت القلوبُ الحناجر} وهي جمع حَنْجَرَة، والحَنْجَرَة: جوف الحُلْقُوم.
قال قتادة: شَخَصتْ عن مكانها، فلولا أنَّه ضاق الحُلقوم عنها أن تخرُج لخرجتْ.
وقال غيره: المعنى: أنهم جَبُنوا وَجزع أكثرهم؛ وسبيل الجبان إذا اشتدُّ خوفُه أن تنتفخ رئته فيرتفع حينئذ القلب إلى الحَنْجَرة، وهذا المعنى مروي عن ابن عباس والفراء.
وذهب ابن قتيبة إلى أن المعنى: كادت القلوبُ تبلُغ الحُلوقَ من الخوف.
وقال ابن الأنباري: كاد لا يُضْمَر ولا يُعْرَف معناه إذا لم يُنْطَق به.
قوله تعالى: {وتَظُنُّون بالله الظنُّونا} قال الحسن: اختلفت ظنونهم، فظن المنافقون أن محمدًا وأصحابه يُستأصَلون، وظن المؤمنون أنه يُنْصَر.
قرأ ابن كثير، والكسائي، وحفص عن عاصم: {الظنُّونا} و{الرَّسولا} [الأحزاب: 66] و{السَّبيلا} [الأحزاب: 67] بألف إذا وقفوا عليهن، وبطرحها في الوصل.
وقال هبيرة عن حفص عن عاصم: وصل أو وقْف بألف.
وقرأ نافع، وابن عامر، وأبو بكر عن عاصم: بالألف فيهن وصلًا ووقفًا.
وقرأ أبو عمرو، وحمزة، والكسائي: بغير ألف في وصل ولا وقف.
قال الزجاج: والذي عليه حُذَّاق النحويين والمتَّبعون السُّنَّة من قُرَّائهم أن يقرؤوا: {الظنُّونا} ويقفون على الألف ولا يَصلون؛ وإنما فعلوا ذلك، لأن أواخر الآيات عندهم فواصل يُثبتون في آخرها الألف في الوقف.
قوله تعالى: {هنالك} أي: عند ذلك {ابْتُليَ المؤمنون} أي: اختُبروا بالقتال والحصر ليتبيَّن المُخلص من المنافق {وزُلْزلوا} أي: أُزعجوا وحُرّكوا بالخوف، فلم يوجَدوا إلا صابرين.
وقال الفراء: حُرّكوا إلى الفتنة تحريكًا، فعُصموا.
قوله تعالى: {وإذ يقولُ المنافقون والذين في قلوبهم مرض} فيه قولان:
أحدهما: أنه الشّرك، قاله الحسن.
والثاني: النفاق، قاله قتادة {ما وَعَدَنا اللّهُ ورسولُه إلاَّ غُرورًا} قال المفسرون: قالوا يومئذ: إن محمدًا يَعدنا أن نفتَح مدائن كسرى وقيصر وأحدنا لا يستطيع أن يجاوز رحله! هذا واللّه الغُرور.
وزعم ابن السائب أن قائل هذا معتّب بن قُشَير. اهـ.

.قال القرطبي:

{يَا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نعْمَةَ اللَّه عَلَيْكُمْ} يعني غزوة الخَنْدق والأحزاب وبني قُرَيظة، وكانت حالًا شديدة معقبة بنعمة ورخاء وغبطة، وتضمّنت أحكامًا كثيرة وآيات باهرات عزيزة، ونحن نذكر من ذلك بعون الله تعالى ما يكفي في عشر مسائل:
الأولى: اختلف في أيّ سنة كانت؛ فقال ابن إسحاق: كانت في شوال من السنة الخامسة.
وقال ابن وهب وابن القاسم عن مالك رحمه الله: كانت وقعة الخندق سنة أربع، وهي وبنو قُريظة في يوم واحد، وبين بني قريظة والنَّضير أربع سنين.
قال ابن وهب وسمعت مالكًا يقول: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقتال من المدينة، وذلك قوله تعالى: {إذْ جَاءُوكُمْ مّن فَوْقكُمْ وَمنْ أَسْفَلَ منكُمْ وَإذْ زَاغَت الأبصار وَبَلَغَت القلوب الحناجر}.
قال: ذلك يوم الخندق، جاءت قريش من هاهنا واليهود من هاهنا والنَّجدية من هاهنا.
يريد مالك: إن الذين جاؤوا من فوقهم بنو قريظة، ومن أسفل منهم قريش وغَطَفان.
وكان سببها: أن نفرًا من اليهود منهم كنانة بن الربيع بن أبي الحُقَيق وسلام بن أبي الحُقَيق وسلام بن مشْكم وحُيَيّ بن أخْطب النضريّون وهَوْذة بن قيس وأبو عمار من بني وائل، وهم كلهم يهود، هم الذين حزّبوا الأحزاب وألبّوا وجمعوا، خرجوا في نفر من بني النَّضير ونَفَر من بني وائل فأتوا مكة فدعوا إلى حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وواعدوهم من أنفسهم بعون من انتدب إلى ذلك؛ فأجابهم أهل مكة إلى ذلك، ثم خرج اليهود المذكورون إلى غَطَفَان فدعوهم إلى مثل ذلك فأجابوهم؛ فخرجت قريش يقودهم أبو سفيان بن حرب، وخرجت غَطَفان وقائدهم عُيينة بن حصن بن حُذيفة بن بدر الفَزَاريّ على فَزارة، والحارث ابن عوف المُرّي على بني مُرّة، ومسعود بن رُخَيلة على أشجع.
فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم باجتماعهم وخروجهم شاور أصحابه، فأشار عليه سلمان بحفر الخندق فرضي رأيه.
وقال المهاجرون يومئذٍ: سلمان منا.
وقال الأنصار: سلمان منا! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سلمان منّا أهل البيت» وكان الخندق أوّلَ مشهد شهده سلمان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يومئذٍ حر.
فقال: يا رسول الله، إنا كنا بفارس إذا حوصرنا خندقنا؛ فعمل المسلمون في الخندق مجتهدين، ونكص المنافقون وجعلوا يتسلّلْون لواذًا فنزلت فيهم آيات من القرآن ذكرها ابن إسحاق وغيره.
وكان مَن فرغ من المسلمين من حصّته عاد إلى غيره، حتى كمل الخندق.
وكانت فيه آيات بيّنات وعلامات للنبوّات.
قلت: ففي هذا الذي ذكرناه من هذا الخبر من الفقه وهي:
الثانية: مشاورة السلطان أصحابَه وخاصّته في أمر القتال؛ وقد مضى ذلك في آل عمران، والنمل.
وفيه التحصّن من العدوّ بما أمكن من الأسباب واستعمالها؛ وقد مضى ذلك في غير موضع.
وفيه أن حفر الخندق يكون مقسومًا على الناس؛ فمن فرغ منهم عاون من لم يفرغ، فالمسلمون يدٌ على مَن سواهم؛ وفي البخاري ومسلم عن البَرَاء بن عازب قال: لما كان يوم الأحزاب وخندق رسول الله صلى الله عليه وسلم رأيته ينقل من تراب الخندق حتى وارى عنّي الغبارُ جلدة بطنه، وكان كثير الشعر، فسمعته يرتجز بكلمات ابن رَواحة ويقول:
اللَّهُمَّ لولا أنت ما اهتدينا ** ولا تصدّقنا ولا صَلّينا

فأنزلنْ سكينةً عَلَيْنَا ** وثَبّت الأقدام إن لاَقَيْنَا